هناكَ، عند الحروفِ المشتجرةِ
في غاباتٍ سوداء، تتأوّهُ فيها أجسادٌ محضةٌ
على مشارف مدينةِ الجحيمِ؛ رأيتُ-
الماءُ يجري و الحطاماتُ المتداخلة
و الزهورُ الزرقاءُ التي نمَت على الرمادِ
كأناشيد النصر.
وقفَ حائرونَ في أحوالِهِم،
لا يتركون ظلالا
في هذا الموقف الجليل، لم يسمعوا
غير هذا الزئير العتيق
منذُ بضعَ قوارير فارغة،
كانَت الأناشيدُ الجنائزيّةُ تتطوح،
بين أفرعِ الأشجار القديمة،
أختلاسٌ لم يمنحني بهجةَ اليقين الساذجة.
كنتُ أصفّر للخفافيش فتأتي و تدور حولي
في دوائرَ متوترة،
وفي قبة ما ، طالعةٍ ، و مختومةٍ
كأبراجِ قلعةٍ سحريّّّّّّة،
تفاوقت تنينٌ كالقوة ذاتها
بها صمتُ الأحجار وكلّ حروفِهِ، وحركاتها.
كان هذا ركوبًا لظهرِ السّبعِ،
و إعلانًا للحربِ المنظّمة على العتَمة،
مُحتفِظًا بالهوية ، السوداء ، الصامتة
كخيار سلامٍ آخير.
وفي الطّريقِ إلى هذه الضفّة الكئيبة،
محمّلا بصناديق البحر كلها،
فكرتُ في الشياطين والشّهب.
تسللتُ للسوق و انتظرتُ الشيطان بعيدًا عن الحانة لمناقشةْ العقد القديم،
و تفاوضنا حولَ مبادئ الفوضى و النظام
وتحدثنا عن الجغرافيا و التطوّر
و عن انعدام الذوق لدى الخاصّة والعامّة، بعدَ البزوغ و الأفول الرائعين ،
لجنس البَشَر.
أيها القرصان سأفتقدكَ كثيرًا،
جالسًا هُنا
على حافّة العار؛
أخجلُ أن أثرثرَ عنِ الفضيحة الكبرى،
التي حلّت في المدينة كإلهةٍ غاضبة،
تراجعُ نصوصَها
و تتمطى في قميص قدراتها الإلهية الواسع الشفيف
هل تعرفُ الضمّة الكُبرى؟
إنها دفعةٌ مباغتةٌ من العدم ،
تقلم العبارات و تترككَ،
مبتسمًا و عيونك الساهمة تستعيدُ ثقلها؛
وهلةٌ عجيبة ترى فيها صفيرَ الريح ، يعبرُ الجبال .
محمد مجدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق