٢٠٠٨-٠٧-٠٣

صَمتُ المتفرجِ ..
يتدانى من ركنِ الغرفةِ حيث الرؤيةُ عن قُربٍ
تبدو أظرف ..
جُثةُ صرصورٍ ، يحملها طابور النملِ
انتظمَتْ منه الخطواتُ لتوحى بالشىء..
تفتح آفاقاً للتفكيرِ ومازال البابُ المائلُ
تتسرَّبُ منهُ حروفُ الهاتفِ:
" لا تصدحْ "..
فالصفُّ أمامك ليس يصَوِّرُ أحداثَ جنازة..
النملُ إذا ألقى الجُثَّةَ داخلَ جُحرٍ
لن يُغلقَهُ خَلْفَهُ ثم يروح ليفتح جُحراً آخرَ/
لن يضعَ اللافتةَ الصَّمَّاءَ على البابِ
لتحمل نعياً
لن يأسفَ ..
ما نعرفُ أن النمل تأسَّفَ من قبلُ
على جُثمانِ الحشراتِ
فهل أصغيتَ قليلا ؟؟
***
يا هذا..
حتى إن خرجَ إلى ضوضاءِ الشارعِ
هذا النملُ ذكىٌّ
قد آثر أن يمشى منتظماً كى تحسَبَهُ الفطرياتُ
قطارَ الثامنةِ مساءً!
تخشى أن تقطع منه الصفَّ فيمضى بسلامٍ
هذا النملُ ذكىٌّ
عُلِّمَ معنى القوةِ فى الضعفِ وضعفاً يحتمل القوةَ
عُلِّمَ كيفَ تكونُ العزلةُ والجمع كبير..
عَلَّمَ كلَّ ذكورٍ وإناثٍ نقرأ عنهم
أن يجمعهم فى بقعتنا جمع التكسير..
يمضى
إن سقطَ الصخرُ الهائلُ يسقط أشتاتا
سيكون غبياً من وَتَّرَ هذا الصخرَ بغايةِ
أن يخمش صمت الطابور
..
هذا الطابور..
لا يعجبُهُ من هذا العالمِ شيئاً
لا تُقْرِئُه الهمجيةُ أىَّ سلامٍ حيثُ يمُرُّ
بهيبتهِ نحو الجحرِ خِفَافاً

قد يمدحهُ البعض ويلعنُ بالسخطِ أباه البعضُ الآخرُ ..
لكن .. يَمضى
لا يلتفتُ سوى إن شاهدَ سقطةَ صرصورٍ آخرَ
(لا يلتفت جميعا)
يرسلُ أصغرهُ تتشممُ فى صمتٍ
ثم توافيه بأنباءٍ يعرفها بالتقديمِ قبيل العودةِ

يمضى ..
انقلبَت عن يُمناهُ الشَّاحنةُ المثقلةُ بأوزار الصفقةِ/
من أخبركَ بأنَّ النملَ سيبكى ؟؟
وتَرامَى عن يسراهُ بقارعةِ (السِّكَّةِ) منديلُ العاشقِ
حين تعلَّقَ مثل جميعِ الحمقى بالبُهرجِ فى عين المِرآةِ
وأدلى كخِرافِ المخدوعين بوعد الليلِ
القمرىِّ الماكرِ دَلوه/ جاءَ
على (السِّكَّةِ) يلعن وجهاً آخر للدنيا !
من أخبركَ بأنَّ النملَ سيَسقطُ قهقهةً
أو يضربُ كفاً بالكفِّ ويلكزُ أىٌّ منهم من كان أمامه؟؟

أخبرتكُ .. يمضى ..
لا يعبأُ إن شاهد عن يمناه وعن يسراهُ الـ ليس يشاهَدُ هَذْراً:
إعصاراً يذبحُ دولةَ ظلمٍ أرسلَهُ عُمرانُ الأخرى بالتقوى/
ظِلاً يتصالح والأجساد وما مرَّت عشرُ دقائقَ
حتى يصفعَ واحدهم جنب الآخرِ
ثم يروح ../
السلكَ الشائكَ حين يُمَرِّرُهُ من لا يملكُ
ثم يضىءُ إلى الآتين إشارتَهُ : "ممنوع"/
خط النورِ إذا عَرقَلَ طيفاً يتوَشَّحُ بظلالِ الغيرِ
فتمتمَ بالـ لا مسموع ..
***
أخبرتُكَ: هذا الطابورُ يمرُّ ولا يلفتهُ
من أحداثِ القرنِ الحالى شيئاً..
يمضى ..
يُشبهُ قاطرةَ الأزمانِ إذا اتَّخَذَت لمحرِّكها خزَّانَ وقودٍ
يوقَدُ من كُلِّ الأشياء/
كلِّ الأشياءِ ولا يزعجُهُ أن مَدَّ هنالكَ أبناءُ القُطر إلى قاتلهم
بئرَ النفطِ
ولا أن تتعفن فى كلِّ الأقطار شحومُ الأنعامِ
ولا أن تُصرفَ كلٌ /تُبنى من جسد الأشجارِ بأيدى العُبَّادِ
هياكلَ وثنية ..

هذا طابورٌ يَعلم كلَّ العِلمِ بأنَّ لهذا الكون إلهاً
ليس يغيِّر ما بالقومِ هباءً
لا يعطى للتلقائيةِ فى شأنِ السذجِ
أن يأتيهم باللاشىءِ حِراثُ الطينِ بأيدٍ نارية ..
أو عُمرة ماخرَّبَهُ أبناء جنوبٍ
أن تصلحهُ –بالتلقاءِ- أيادٍ شرقية

يا هذا ..
دع ركنَ الغرفةِ وارتدّ بعيدا
حتى إن زعمَ الإمتاعُ الشخصىُّ بأنَّ الرؤيةَ عن قُربٍ
تبدو أظرف ..
للنمل طقوسُ العزلةِ لكن
لا يَحيى هذا العالم بالنملِ / وأنّى للسِّرب الرائقِ يا صاحِ
يعمِّرُ فى هذا الكونِ الناطقِ
كرةً أرضية ..

13/6/2008







ليست هناك تعليقات: